مقالات

تقنيات تخزين «سيراميكية» ثورية تحفظ 10 آلاف تيرابايت بموثوقية لأكثر من 5 آلاف عام

يعاني الأفراد الذين يستخدمون الأقراص الصلبة القياسية (HDD) من تأخر في عمليات قراءة وكتابة البيانات على هذه الأقراص، بالإضافة إلى مشكلات ميكانيكية ناتجة عن الأجزاء المتحركة، ويجدون أنفسهم مضطرين لاستبدالها بعد فترة قليلة نظرًا لعدم قدرتها على الأداء الفعّال لفترات زمنية طويلة.

في المقابل، تقوم وحدات التخزين التي تعتمد على تقنية الحالة الصلبة (SSD) بأداء ممتاز في سرعة قراءة وكتابة البيانات، وتزيد من فترة الاستخدام، ولكن يتوقف تخزين البيانات عليها بعد عدد محدود من مرات الكتابة.

ومع ذلك، يستمر البحث في ابتكار تقنيات جديدة، وقد تم تطوير تقنية مبتكرة تمكّن من تخزين البيانات لفترة تصل إلى 5 آلاف عام. تُعرف هذه التقنية باسم “تخزين سيراميكي”.

تعتمد هذه التقنية على استخدام لوح زجاجي صغير يتم تغليفه بطبقة رقيقة جدًا من السيراميك، حيث يمكن لمجموعة صغيرة من هذه الألواح أن توفر تخزينًا يصل إلى 10 آلاف تيرابايت (10 مليون غيغابايت) من البيانات. وبفضل هذه السعة الهائلة، يُمكن لوحدة واحدة من هذه التقنية تخزين ما يعادل 2.5 مليون فيلم أو أربعة أضعاف جميع الأفلام في قاعدة بيانات أفلام الإنترنت (IMDB)، بالإضافة إلى جميع الأغاني في خدمة “سبوتيفاي” وجميع الكتب الرقمية في “أمازون”.

تتيح تقنية “تخزين سيراميكي” الكتابة على هذه الوحدات باستخدام 2 مليون شعاع ليزري صغير بسرعات تصل إلى الغيغابايت في الثانية. يُمكن وضع البيانات على طبقة السيراميك باستخدام لغة الكمبيوتر 0 و1. تتيح هذه التقنية تخزين عروض الفيديو بدقة 16K، وهي دقة لا يمكن تحقيقها بشكل عملي باستخدام التقنيات الحالية للتخزين. تتحمل هذه التقنية درجات حرارة تتراوح بين 275 تحت الصفر و300 درجة مئوية، وتظل مستقرة في بيئات حمضية أو تحتوي على إشعاعات أو موجات مغناطيسية قوية، دون التأثر بسلامة البيانات المخزنة.

تتوقع شركة “سيرابايت” الألمانية، التي قامت بتطوير هذه التقنية، أن تكون التكلفة أقل من دولار واحد لكل تيرابايت على وحدة التخزين، مقارنة بتكلفة 4 دولارات لكل تيرابايت على شرائط التخزين المغناطيسية المستخدمة في مراكز البيانات. من المتوقع أن يتم إطلاق الجيل الأول من هذه التقنية في عام 2025 بسعة 10 آلاف تيرابايت، مع إمكانية زيادتها إلى 100 ألف تيرابايت قبل نهاية العقد الحالي. يُمكن لمراكز البيانات الاستفادة من مليون تيرابايت بكل سهولة.

تؤكد الشركة أن هذه التقنية ستوفر نحو 75 في المئة من تكاليف مراكز البيانات وستقلل من انبعاثات الكربون بنسبة 99 في المئة، نظرًا لعدم استهلاكها للطاقة عند عدم استخدامها، بالإضافة إلى قدرتها على العمل في درجات حرارة عالية دون تأثر سلبي، وعمرها الطويل الذي يضمن عدم الحاجة لاستبدالها بشكل متكرر. يمكن تطوير هذه التقنية لاستخدام عدة طبقات ملونة من السيراميك فوق بعضها البعض، مما يمكن من زيادة السعة التخزينية بشكل كبير.

على صعيد آخر، قامت شركة “سيغايت” بتطوير تقنية جديدة تعتمد على التسجيل المغناطيسي الحراري للوصول إلى سعات تبدأ من 29 تيرابايت على القرص الصلب الواحد، مع تقليل استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 30 في المئة. يستخدم هذا النوع من الأقراص طبقة خاصة بسماكة نانومتر لتخزين كميات ضخمة من البيانات دون التأثير على جودتها. من المتوقع أن يتم إطلاق هذه الأقراص الكبيرة في الأسواق خلال العام المقبل.

بهذه الطريقة، يشير التطور المستمر في مجال التخزين إلى توجه العالم التقني نحو زيادة كبيرة في سعات التخزين لمواكبة الطلب المتزايد على حفظ الملفات الكبيرة، والفيديوهات عالية الدقة، والصور ذات الدقة العالية، وكميات البيانات الكبيرة التي تتم جمعها لأغراض التحليل والبحث العلمي والتعليم، بالإضافة إلى الاحتياجات المتزايدة لمراكز البيانات في مجالات متعددة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى